الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***
أورده بعد الإكراه، لأن في كل سلب ولاية المختار عن الجري على موجب الاختيار، والإكراه أقوى، لأن فيه السلب ممن له اختيار صحيح وولاية كاملة فكان بالتقديم أحرى. (قوله: هو لغة المنع) يقال حجر عليه حجرا من باب قتل منعه من التصرف، فهو محجور عليه والفقهاء يحذفون الصلة تخفيفا ومنه سمي الحطيم حجرا بالكسر، لأنه منع من الكعبة وكذا العقل لمنعه من القبائح. (قوله: مطلقا) ولو عن الفعل أو عما هو مطلوب ط. (قوله: وشرعا منع من نفاذ تصرف قولي) أي من لزومه فإن عقد المحجور ينعقد موقوفا، والنافذ أعم من اللازم قهستاني. وقدمنا ما فيه في الإكراه. والحاصل أن المنع من ثبوت حكم التصرف فلا يفيد الملك بالقبض، وفيه أنه لا يشمل سوى العقود الدائرة بين النفع والضر، مع أن القول قد يلغو أصلا كطلاق الصبي، وقد يصح كطلاق العبد فالمناسب في تعريفه ما في الإيضاح بقوله: وفي اصطلاح الفقهاء عبارة عن منع مخصوص بشخص مخصوص عن تصرف مخصوص أو عن نفاذه. وتفصيله أنه منع للرقيق عن نفاذ تصرفه الفعلي الضار وإقراره بالمال في الحال، وللصغير والمجنون عن أصل التصرف القولي إن كان ضررا محضا وعن وصف نفاذه إن كان دائرا بين الضرر والنفع ا هـ. وكتب في هامشه الحجر على مراتب: أقوى وهو المنع عن أصل التصرف، ومتوسط وهو المنع عن وصفه وهو النفاذ، وضعيف وهو المنع عن وصف وصفه وهو كون النفاذ حالا ا هـ. وقد أدخل في التعريف المنع عن الفعل كما ترى، ودخل فيه نحو الزنا والقتل في حق الصبي والمجنون، فإنه محجور عليهما بالنسبة لحكمه، وهو الحد والقصاص كما في الجوهرة، ويظهر لي أن هذا هو التحقيق، فإنه إن جعل الحجر هو المنع من ثبوت حكم التصرف، فما وجه تقييده بالقولي ونفي الفعلي، مع أن لكل حكما؟ وبهذا يندفع ما استشكله الشارح من أصله. وأما ما علل به من قوله لأن الفعل بعد وقوعه، لا يمكن رده نقول الكلام في منع حكمه لا منع ذاته، ومثله القول لا يمكن رده بذاته بعد وقوعه بل رد حكمه. فإن قلت: قيد بالقولي لأن الأفعال لا يحجر عنها كلها فإن ما يوجب الضمان منها يؤاخذ بها. قلت: وكذلك القول بعضه غير محجور عنه كالذي تمحض نفعا كقبول الهبة والهدية والصدقة إلا أن يفرق بالقلة والكثرة فليتأمل. (قوله: لمنع نفاذ فعله في الحال) كاستهلاكه للأموال فإنه صدق عليه منع النفاذ في الحال، مع أنه فعل لا قول، ونفاذه في المآل لا ينافي وجود المنع في الحال، وإلا لزم أن لا يصح قولنا محجور عن الإقرار مثلا في حق المولى فافهم وهذا من المنع عن وصف الوصف كما قدمناه. (قوله: بل بعد العتق إلخ) أي بل ينفذ بعده، لأن توقفه كان لحق المولى وقد زال. ثم اعلم أن الذي يتوقف هو إقراره بالمال كما يأتي وكذا مطالبته بالمهر لو تزوج بلا إذن مولاه ودخل بها كما ذكره الزيلعي في باب نكاح الرقيق وكأنه لما كان برضاها صارت راضية بتأخير المهر. وأما ما ذكره عن البدائع تبعا لابن الكمال، من أنه لو أتلف مال الغير لا يؤاخذ به في الحال، فهو المتبادر من التبيين والدرر، ويخالفه ما نقله المصنف عن ابن مالك من أنه مؤاخذ في الحال بما استهلكه. وسيأتي مثله في المأذون عن العمادية قال الرملي: ومثله في النهاية والجوهرة والبزازية والخلاصة والولوالجية ثم قال: والحاصل أن النقل مستفيض في هذه المسألة بالضمان في الحال فيباع أو يفديه المولى ا هـ. ملخصا. ومثله في الحامدية عن السراج ثم قال: وفي التتارخانية من الكفالة: فإن كان له كسب يوفي ذلك من كسبه وإلا تباع رقبته بدين الاستهلاك إلا أن يقضيه المولى ا هـ. وفي القنية من باب أمر الغير بالجناية رامزا لبكر خواهر زاده: عبد محجور جنى على مال فباعه المولى بعد علمه بالجناية، فهو في رقبة العبد يباع فيها على من اشتراه بخلاف الجناية على النفس. وفي التتارخانية من التاسع من الجنايات فرق بين الجناية على الآدمي وبين الجناية على المال، ففي الأول خير المولى بين الدفع والفداء وفي الثاني خير بين الدفع والبيع ا هـ. (قوله: اللهم إلا أن يقال) أي في الجواب عن الإشكال وهذه الصيغة تؤتى في صدر جواب فيه ضعف كأنه يطلب من الله تعالى صحته. (قوله: الأصل فيه ذلك) أي الأصل في فعله النفاذ في الحال لما يأتي أن الرق ليس بسبب للحجر في الحقيقة. (قوله: لكنه) أي النفاذ أخر لعتقه أي لوقت عتقه أو إليه لقيام المانع وهو حق المولى. (قوله: وسببه صغر وجنون). اعلم أن الله تبارك وتعالى جعل بعض البشر ذوي النهى، وجعل منهم أعلام الدين وأئمة الهدى ومصابيح الدجى، وابتلى بعضهم بما شاء من أسباب الردى كالجنون الموجب لعدم العقل والصغر والعته الموجبين لنقصانه، فجعل تصرفهما غير نافذ بالحجر عليهما، ولولا ذلك لكان معاملتهما ضررا عليهما بأن يستجر من يعاملهما مالهما باحتياله الكامل، وجعل من ينظر في مالهما خاصا كالأب وعاما كالقاضي، وأوجب عليه النظر لهما، وجعل الصبا والجنون سببا للحجر عليهما كل ذلك رحمة منه ولطفا، والرق ليس بسبب للحجر في الحقيقة لأنه مكلف محتاج كامل الرأي كالحر غير أنه وما في يده ملك المولى، فلا يجوز له أن يتصرف لأجل حق المولى والإنسان إذا منع عن التصرف في ملك الغير لا يكون محجورا عليه كالحر، لا يقال إنه محجور عليه، مع أنه ممنوع عن التصرف في ملك الغير، ولهذا يؤخذ العبد بإقراره بعد العتق، لزوال المانع وهو حق المولى ولعدم نفوذه في الحال، وتأخره إلى ما بعد الحرية جعله من المحجور عليهم زيلعي. (قوله: يعم القوي والضعيف) أشار إلى أن سبب الحجر هو مطلق الجنون كما في الإيضاح، وأراد بالقوي المطبق وبالضعيف غيره، أو أراد بالقوي القسمين وبالضعيف العته فقوله " كما في المعتوه " الكاف فيه للتنظير على الأول. وللتمثيل على الثاني تأمل. واختلفوا في تفسير المعتوه وأحسن ما قيل فيه هو من كان قليل الفهم مختلط الكلام فاسد التدبير إلا أنه لا يضرب ولا يشتم كما يفعل المجنون درر. (قوله: وحكمه كمميز) أي حكم المعتوه كالصبي العاقل في تصرفاته وفي رفع التكليف عنه زيلعي. (قوله: فلا يصح طلاق صبي) أي ولو مميزا. (قوله: ومجنون مغلوب إلخ) قد يذكر هذا القيد ويراد به الغلبة على العقل، فيحترز به عن المعتوه كما وقع في الهداية، حيث قال: ولا يجوز تصرف المجنون المغلوب بحال، وقد يراد به من صار مغلوبا للجنون، بحيث لا يفيق أي لا يزول عنه ما به من الجنون قويا كان أو ضعيفا، فيدخل فيه المعتوه ويحترز به عمن يجن ويفيق فإنه يجوز تصرفه على ما يأتي فمن احترز به عن المعتوه فقد وهم لظنه أن المراد في الكلامين واحد مع أن طلاق المعتوه أيضا لا يصح كذا أفاده ابن الكمال وتبعه الشارح. (قوله: وأما الذي يجن ويفيق فحكمه كمميز) ومثله في المنح والدرر وغاية البيان وكذا في المعراج حيث فسر المغلوب بالذي لا يعقل أصلا ثم قال: واحترز به عن المجنون الذي يعقل البيع ويقصده فإن تصرفه كتصرف الصبي العاقل على ما يجيء فيتوقف إلى إجازة الولي ا هـ. وهذا هو المعتوه كما قدمناه وبه صرح في الكفاية، وجعله الزيلعي في حال إفاقته كالعاقل والمتبادر منه أنه كالعاقل البالغ، وبه اعترض الشرنبلالي على الدرر، فلا تتوقف تصرفاته ووفق بينهما الرحمتي والسائحاني بحمل ما هنا على ما إذا لم يكن تام العقل في حال إفاقته. وما ذكره الزيلعي على ما إذا كان تام العقل، ووفق الشلبي في حاشية الزيلعي بحمل ما هنا على ما إذا لم يكن لإفاقته وقت معلوم، وما في شرح الزيلعي على ما إذا كان لها وقت معلوم: أي لأنه في الأول لا يتحقق صحوه. أقول: والذي يحل عقدة الإشكال ما قدمناه عن ابن الكمال فإنه إن أريد بالمغلوب من غلب على عقله: أي الذي لا يعقل أصلا فيراد بالذي يجن ويفيق ناقص العقل وهو المعتوه كما صرح به صاحب الكفاية وغيره حيث قال: والمجنون الذي يجن ويفيق، وهو المعتوه الذي يصلح وكيلا عن غيره، وهو قد يعقل البيع، ويقصده وإن كان لا يرجح المصلحة على المفسدة ا هـ. ومعنى إفاقته على هذا أنه يعقل بعض الأشياء دون بعض، والمعتوه في تصرفاته كمميز كما مر فلهذا جعله شراح الهداية مثله وإن أريد به من لا يفيق من جنونه الكامل أو الناقص، فيحترز به عمن يفيق أحيانا أي يزول عنه ما به بالكلية، وهذا كالعاقل البالغ في تلك الحالة، وهو محمل كلام الزيلعي، ومنشأ الاشتباه عدم التفرقة بين الكلامين فاغتنم هذا التحقيق، وبالله التوفيق. وبه ظهر أنه كان ينبغي للشارح أن يقول: فحكمه كعاقل أي في حال إفاقته كما قاله الزيلعي ليظهر للتقييد بالمغلوب فائدة فإنه حيث كان غير المغلوب كمميز لا يصح طلاقه ولا إعتاقه كالمغلوب، وأما ما نقله عن النهاية فهو موافق لعبارة الهداية حيث لم يخصص فيها بعض التصرفات بالذكر. والحاصل أنه يتعين أن يحترز بالمغلوب في عبارة الهداية عن المعتوه وفي عبارة المصنف عن الذي زال ما به بالكلية فتدبر. (قوله: وإقرارهما) أي المغلوب والصبي، والمراد الصبي المحجور، فلو مأذونا يصح إقراره كالمعتوه والعبد المأذون كما يأتي آخر كتاب المأذون. (قوله: نظرا لهما) علة لقوله لا يصح. (قوله: وصح طلاق عبد) لأنه أهل ويعرف وجه المصلحة فيه، وليس فيه إبطال ملك المولى، ولا تفويت منافعه درر. (قوله: في حق نفسه فقط) قيل: الواجب إسقاطه ليكون التفصيل الآتي بيانا لإجمال صحة الإقرار ا هـ. تأمل. (قوله: لا سيده) أي لا في حق سيده رعاية لجانبه لأن نفاذه لا يعرى عن تعلق الدين برقبته أو كسبه، وكلاهما إتلاف ماله درر. (قوله: فلو أقر) أي العبد المحجور لأن الكلام فيه، وقد علم من عدم صحة إقرار الحر الصغير عدم صحة إقرار العبد الصغير بالأولى. (وقوله: أخر إلى عتقه) لوجود الأهلية حينئذ وارتفاع المانع. (قوله: هدر) أي لا يلزمه شيء بعد عتقه لما تقرر أن المولى لا يستوجب على عبده مالا درر. (قوله: وبحد وقود) أي بما يوجبهما، والواو بمعنى " أو " ولهذا أفرد الضمير في قوله " أقيم ". (قوله: أقيم في الحال) وحضرة المولى ليست بشرط، وهذا إذا أقر وأما إذا أقيم عليه البينة فحضرة المولى شرط عندنا وقال أبو يوسف: ليست بشرط جوهرة، وفيها قتل رجلا عمدا ووجب القصاص فأعتقه المولى لا يلزمه شيء، ولو كان للقتيل وليان فعفا أحدهما بطل حقه وانقلب نصيب الآخر مالا وله أن يستسعي العبد في نصف قيمته، ولا يجب على المولى شيء لأنه انقلب مالا بعد الحرية، ويجب نصف القيمة لأن أصل الجناية كان في حال الرق. ولو أقر بقتل خطأ لم يلزم المولى شيء وكان في ذمة العبد يؤخذ به بعد الحرية كذا في الخجندي. وفي الكرخي إقراره بجناية الخطأ - وهو مأذون أو محجور - باطل فإن أعتق لم يتبع بشيء من الجناية ا هـ. وسيأتي تمامه في كتاب الجنايات إن شاء الله تعالى. (قوله: في حقهما) أي الحد والقود لأنهما من خواص الآدمية وهو ليس بمملوك من حيث إنه آدمي وإن كان مملوكا من حيث إنه مال، ولهذا لا يصح إقرار المولى عليه بهما، وإذا بقي على أصل الحرية فيهما ينفذ إقراره لأنه أقر بما هو حقه، وبطلان حق المولى ضمني كفاية. (قوله: يدور بين نفع وضر) أما النفع المحض فيصح كقبوله الهبة والصدقة وكذا إذا آجر نفسه ومضى على ذلك العمل وجبت الأجرة استحسانا ويصح قبول بدل الخلع من العبد المحجور بغير إذن المولى، لأنه نفع محض، وتصح عبارة الصبي في مال غيره وطلاقه وعتاقه إذا كان وكيلا جوهرة قوله: من هؤلاء المحجورين) المراد الصبي والرقيق فأطلق لفظ الجمع على الاثنين كقوله تعالى: {فإن كان له إخوة} والمراد أخوان وقيل المراد العبد والصبي والمجنون الذي يفيق جوهرة. (قوله: يعرف أن البيع سالب إلخ) سيأتي في المأذون قيد آخر وزاد في الجوهرة: ويعلم أنه لا يجتمع الثمن والمثمن في ملك واحد قال في شاهان: ومن علامة كونه غير عاقل إذا أعطى الحلواني فلوسا فأخذ الحلوى وبقي يقول: أعطني فلوسي وإن ذهب ولم يسترد الفلوس فهو عاقل ا هـ. (قوله: أجاز وليه) أي إن لم يكن فيه غبن فاحش، فإن كان لا يصح وإن أجازه الولي بخلاف اليسير جوهرة وسيأتي بيان الولي آخر المأذون وأنه يصح إذن القاضي وإن أبى الأب. (قوله: أي هؤلاء المحجورين) صوابه المحجورون. (قوله: ضمنوا) فلو أن ابن يوم انقلب على قارورة إنسان مثلا فكسرها يجب الضمان عليه في الحال، وكذا العبد والمجنون إذا أتلفا شيئا لزمهما ضمانه في الحال كذا في النهاية ويوافقه ما في الكافي عزمية. (قوله: لكن ضمان العبد بعد العتق) يعني في إتلافه المال أما في النفس فيقتص منه في الحال إن جنى على النفس بما يوجب القصاص ويدفع أو يفدي إن جنى عليها بما لا يوجب القصاص أو جنى على الطرف عمدا أو خطأ ح. (قوله: على ما مر) أي عن البدائع وعلمت أنه مخالف لما في النهاية وغيرها ووفق بينهما ط والسائحاني بحمل ما في البدائع على ما إذا ظهر بإقراره لما في الغاية: إذا كان الغصب ظاهرا يضمن في الحال فيباع فيه، ولو ظهر بإقراره لا يجب إلا بالعتق كذا قال الفقيه. (قوله: مؤاخذ بأفعاله) هذا من باب خطاب الوضع، وهو لا يتوقف على التكليف لأن الخطاب نوعان خطاب وضع وخطاب تكليف كما في جمع الجوامع. (قوله: وإذا قتل) أي الصبي المحجور وليس التقييد بالحجر في هذه احترازيا حتى لو كان مأذونا له في التجارة فالحكم كذلك أبو السعود على الأشباه. (قوله: إلا في مسائل) استثناء من قوله فيضمن أي فلا يضمن في هذه، لأنه مسلط من المالك كما أفاده في الأشباه. لكن في أبي السعود عن القنية أنها ضمان عقد عندهما، والصبي ليس من أهل إلزام الضمان، وعند أبي يوسف ضمان فعل وهو من أهل التزام الفعل ا هـ. وفي التتارخانية: أودع صبيا أو عبدا مالا فاستهلكه لم يضمن عند محمد وقال أبو يوسف: يضمن العبد بعد العتق والصبي بعد زوال الحجر ا هـ. فتأمل. وسنذكر له تتمة آخر كتاب المأذون. (قوله: لو أتلف ما اقترضه) أطلق الجواب في نسخ أبي حفص، وفي نسخ أبي سليمان أنه قولهما، وفي قول أبي يوسف: هو ضامن وهو الصحيح بيري عن الذخيرة والظاهر أنه تصحيح لنقل الخلاف لا لقول أبي يوسف تأمل. قال أبو السعود عن شرح تنوير الأذهان: ولو أتلف مال غيره بلا سبق إيداع أو إقراض ضمن بالإجماع. (قوله: وما أودع عنده) احترز به عما إذا أتلف ما أودع عند أبيه، فإنه يضمنه وأطلق عدم الضمان في الوديعة وهو مقيد بما سوى العبد والأمة، أما إذا كانت عبدا أو أمة واستهلكه يضمن إجماعا بيري عن البدائع قال الحموي: وفي أحكام الصغار للأسروشني ما يخالفه حيث قال: صبي محجور أودع عبدا فقتله فعلى عاقلته القيمة ولو طعاما فأكله لا يضمن ا هـ. قلت: وقد يوفق بأن الضمان إجماعا على العاقلة تأمل. (قوله: بلا إذن وليه) يغني عنه ما بعده فلو أذن وليه في أخذ الوديعة يضمن اتفاقا كما في المصفى أبو السعود. (قوله: ويستثنى من إيداعه إلخ) يستثنى أيضا ما إذا كانت عبدا بناء على ما في البدائع. (قوله: مثله) أي صبيا محجورا وهو - بالنصب - مفعول أول ل أودع والثاني محذوف: أي وديعة. (قوله: فللمالك تضمين الدافع أو الآخذ) قال في جامع الفصولين " وهي من مشكلات إيداع الصبي. وأجاب في الأشباه بأنه لم يوجد فيها التسليط من مالكها بخلاف ما مر، وأورد عليه بأنه وجد التسليط بنفس الدفع إلى الأول كما في الحموي. قلت: مدفوع إذ لو دفعه المالك إلى الأول لم يكن له تضمينه كما مر في المستثنيات. (قوله: ولا يحجر حر إلخ) في بعض النسخ على حر. واعلم أن الحجر عند أبي حنيفة على الحر العاقل البالغ لا يجوز بسبب السفه والدين والفسق والغفلة وعندهما يجوز بغير الفسق، وعند الشافعي يجوز بالكل كفاية، وأما الحجر على المفتي الماجن وأخويه فليس بحجر اصطلاحي كما يأتي وظاهر الدرر أن عندهما أيضا يحجر عليه بالفسق، وهو مخالف لعامة الكتب كما نبه عليه في العزمية، وكلام المصنف والشارح هنا مجمل فتأمل. (قوله: هو تبذير المال إلخ) فارتكاب غيره من المعاصي كشرب الخمر والزنا لم يكن من السفه المصطلح في شيء قهستاني، والمراد أنه كان رشيدا ثم سفه لما يأتي متنا أنه لو بلغ غير رشيد لم يسلم إليه ماله إلخ. (قوله: على خلاف مقتضى الشرع أو العقل) كالتبذير والإسراف في النفقة وأن يتصرف تصرفات لا لغرض أو لغرض لا يعده العقلاء من أهل الديانة غرضا كدفع المال إلى المغنين واللعابين وشراء الحمامة الطيارة بثمن غال والغبن في التجارات من غير محمدة. وأصل المسامحات في التصرفات والبر والإحسان مشروع إلا أن الإسراف حرام كالإسراف في الطعام والشراب قال تعالى: {إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا} كفاية. (قوله: فيحجر عليه عندهما) مستدرك مع ما يأتي مع عدم صحة التفريع أيضا ح. (قوله: وتمامه إلخ) هو ما ذكرناه آنفا عن الكفاية. (قوله: وفسق) أي من غير تبذير مال فإن الفاسق أهل للولاية على نفسه وأولاده عند جميع أصحابنا وإن لم يكن حافظا لماله قهستاني. (قوله: ودين) وإن زاد على ماله وطلب الغرماء من القاضي الحجر عليه قهستاني. (قوله: وغفلة) أي لا يحجر على العاقل بسبب غفلة وهو ليس بمفسد ولا يقصده لكنه لا يهتدي إلى التصرفات الرائجة فيغبن في البياعات لسلامة قلبه زيلعي. (قوله: بل يمنع) أشار به إلى أنه ليس المراد به حقيقة الحجر، وهو المنع الشرعي الذي يمنع نفوذ التصرف، لأن المفتي لو أفتى بعد الحجر وأصاب جاز، وكذا الطبيب لو باع الأدوية نفذ فدل أن المراد المنع الحسي كما في الدرر عن البدائع. (قوله: ماجن) قال في الجمهرة مجن الشيء يمجن مجونا إذا صلب وغلظ وقولهم رجل ماجن كأنه مأخوذ من غلظ الوجه وقلة الحياء وليس بعربي محض ابن كمال. (قوله: كتعليم الردة إلخ) وكالذي يفتي عن جهل شرنبلالية عن الخانية. (قوله: وطبيب جاهل) بأن يسقيهم دواء مهلكا وإذا قوي عليهم لا يقدر على إزالة ضرره زيلعي. (قوله: ومكار مفلس) بأن يكري إبلا وليس له إبل ولا مال ليشتريها به، وإذا جاء أوان الخروج يخفي نفسه جوهرة فمنع هؤلاء المفسدين للأديان والأبدان والأموال دفع إضرار بالخاص والعام، فهو من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما في القهستاني وغيره قيل وألحق بهذه الثلاثة ثلاثة أخرى: المحتكر، وأرباب الطعام إذا تعدوا في البيع بالقيمة، وما لو أسلم عبدا لذمي وامتنع من بيعه باعه القاضي ا هـ. قلت: وباب الأمر بالمعروف أوسع من هذا تأمل نعم ينبغي ذكر المريض فإنه ممنوع عن التصرف فيما فوق الثلث. [تنبيه] : يعلم من هذا عدم جواز ما عليه أهل بعض الصنائع والحرف من منعهم من أراد الاشتغال في حرفتهم وهو متقن لها أو أراد تعلمها فلا يحل التحجير كما أفتى به في الحامدية. (قوله: وعندهما يحجر على الحر) أي العاقل البالغ. قال في الجوهرة: ثم اختلفا فيما بينهما قال أبو يوسف: لا يحجر عليه إلا بحجر الحاكم، ولا ينفك حتى يطلقه. وقال محمد: فساده في ماله يحجره وإصلاحه فيه يطلقه، والثمرة فيما باعه قبل حجر القاضي يجوز عند الأول لا الثاني. (قوله: بالسفه والغفلة) أي والدين كما يأتي وعبر بعضهم عن الغفلة بالفساد ليس المراد به الفسق فافهم قال في الدر المنتقى: ويشترط لصحة الحجر عندهما القضاء بالإفلاس، ثم الحجر بناء عليه، ولا يشترط ذلك في الحجر بالسفه مع كونه يعم جميع الأموال. وأما الحجر بالدين فيخص المال الموجود، حتى ينفذ تصرفه في مال حدث بعده بالكسب كما يعلم من القهستاني والبرجندي فليحفظ ا هـ. وفي التتارخانية: الحجر بالدين يفارق الحجر بالسفه من وجوه ثلاثة: أحدها: أن حجر السفيه لمعنى فيه وهو سوء اختياره لا لحق الغرماء بخلافه بسبب الدين فيفتقر للقضاء. الثاني: أن المحجور بالسفه إذا أعتق عبدا ووجبت عليه السعاية وأدى لا يرجع بما سعى على المولى بعد زوال الحجر بخلاف المحجور بالإفلاس. الثالث: أن المحجور بالدين لو أقر حالة الحجر ينفذ إقراره بعد زوال الحجر وكذا حالة الحجر فيما سيحدث له من المال حالة الحجر والمحجور بالسفه لا يجوز إقراره لا حال الحجر ولا بعده ولا في المال القائم ولا الحادث ا هـ. ملخصا. قلت: ويزاد ما مر من توقف الحجر بالدين على القضاء أي على قول أبي يوسف لكونه لحق الغرماء، بخلاف الحجر بالسفه لأنه لحقه فلا يتوقف كما أشير إليه فيما مر وظاهر كلامهم ترجيحه على قول محمد. (قوله: به) أي بقولهما يفتى به صرح قاضي خان في كتاب الحيطان، وهو صريح فيكون أقوى من الالتزام كذا قال الشيخ قاسم في تصحيحه: ومراده أن ما وقع في المتون من القول بعدم الحجر على الحر مصحح بالالتزام وما وقع في قاضي خان من التصريح بأن الفتوى على قولهما تصريح بالتصحيح فيكون هو المعتمد، وجعل عليه الفتوى مولانا في فوائده منح، وفي حاشية الشيخ صالح، وقد صرح في كثير من المعتبرات بأن الفتوى على قولهما وفي القهستاني عن التوضيح أنه المختار ا هـ. وأفتى به البلخي وأبو القاسم كما ذكره في المنح عن الخانية قبيل قوله الآتي " والقاضي يحبس الحر المديون ". (قوله: كصغير) أي يعقل ومثله البالغ المعتوه كما في حواشي الأشباه. (قوله: إلا في نكاح وطلاق) فإن سمى جاز منه مقدار مهر المثل وبطل الفضل، وإن طلقها قبل الدخول وجب نصف المسمى، لأن التسمية صحيحة في مقدار مهر المثل، وكذا لو تزوج أربع نسوة أو تزوج كل يوم واحدة فطلقها لأن التزوج من حوائجه الأصلية زيلعي. (قوله: وعتاق) وعلى العبد أن يسعى في قيمته عند محمد وهو الصحيح طوري. (قوله: واستيلاد) بأن ولدت جاريته فادعاه ثبت نسبه وصارت أم ولده وتعتق من جميع ماله بموته ولا تسعى هي ولا ولدها في شيء لأن ثبوت نسب الولد شاهد لها؛ ولو لم يكن معها ولد فقال هذه أم ولدي لم تبع وسعت بموته في كل قيمتها بمنزلة المريض زيلعي وهي ثلث قيمتها قنا جوهرة. (قوله: وتدبير) ويسعى بموت المولى غير رشيد في قيمته مدبرا وقيمة المدبر ثلثا قيمته قنا وقيل نصفها وعليه الفتوى جوهرة لكن سيأتي صحة وصاياه بالقرب من الثلث والتدبير منها. وفي الطوري عن المحيط قال مشايخنا: هذا أي سعيه إذا كان أهل الصلاح يعدون هذه الوصية إسرافا فإن كانوا لا يعدونها إسرافا بل معهودا حسنا لا يسعى في قيمته إذا كان يخرج من الثلث. (قوله: ووجوب زكاة) ويدفعها القاضي إليه ليفرقها لأنها عبادة لا بد فيها من نيته ولكن يبعث معه أمينا كي لا يصرفها في غير وجهها هداية. (قوله: وفطرة) فيه أنها تجب على الصغير حتى لو لم يخرجها وليه وجب الأداء بعد البلوغ كما مر في بابها فليست مما خالف فيها الصغير إلا أن يقال المخاطب بها وليه تأمل. (قوله: وحج) لأنه واجب بإيجاب الله تعالى من غير صنعه ولا يمنع من عمرة واحدة فيها استحسانا ولا من القران لأنه لا يمنع من إفراد السفر لكل واحدة منهما، فلا يمنع من الجمع بينهما للخلاف في وجوبها، ويسلم النفقة إلى ثقة لئلا يتلفها فإن جامع قبل الوقوف يدفع القاضي نفقة الرجوع، ولا تلزمه الكفارة إلا بعد زوال الحجر؛ وإن أفسد العمرة يقضيها بعد زواله أيضا وتمامه في الجوهرة ولو أحرم بحجة تطوع دفع إليه من النفقة مقدار ما لو كان في منزله، ويقال له إن شئت فاخرج ماشيا إلا أن يكون القاضي وسع في النفقة فقال: أنا أكري بذلك الفضل وأنفق على نفسي فلا يمنع من ذلك طوري. (قوله: وعبادات) أي بدنية لا مالية ولا مركبة منهما أيضا. ففي شرح المفتاح لابن السبكي: كل موضع يدعى فيه أنه من عطف العام على الخاص يراد بالعام ما عدا ذلك الخاص؛ فيكون من عطف المباين قال: وهذا هو التحقيق حموي وبه صرح في السعدية أبو السعود. قلت: فيكون من العام المخصوص أو المراد به الخصوص وهل الأول حقيقة في الباقي أو مجاز كالثاني؟ خلاف بينته في حاشية شرح المنار أول بحث العام هذا وفي استثناء الحج والعبادات نظر فإنها تصح من الصغير أيضا إلا أن يقال المراد صحتها على سبيل الوجوب تأمل. (قوله: وزوال ولاية أبيه أو جده) يعني عدم ولايتهما عليه بخلاف الصغير حموي أي فإن ولايتهما عليه ثابتة. (قوله: وفي صحة إقراره بالعقوبات) كما لو أقر على نفسه بوجوب القصاص في نفس أو فيما دونها حموي. (قوله: وفي الإنفاق) أي على نفسه وولده وزوجته ومن تجب عليه نفقته من ذوي أرحامه من ماله شرح تنوير الأذهان وفي بعض النسخ وفي الإيقاف من أوقف، لكن في الأشباه أن وقفه باطل واختلفوا فيما لو كان بإذن القاضي فصححه البلخي وأبطله أبو القاسم ا هـ. (قوله: وفي صحة وصاياه بالقرب من الثلث) يعني إذا كان له وارث والقياس أن لا تجوز وصيته كتبرعاته. وجه الاستحسان أن الحجر عليه لمعنى النظر له كي لا يتلف ماله ويبقى كلا على غيره، وذلك في حياته لا فيما ينفذ من الثلث بعد وفاته حال استغنائه وذلك إذا وافق وصايا أهل الخير والصلاح كالوصية بالحج أو للمساكين أو بناء المساجد والأوقاف والقناطر والجسور. وأما إذا أوصى بغير القرب لا تنفذ عندنا طوري. (قوله: كبالغ) أي غير محجور وإلا فهو بالغ ح. (قوله: وفي كفارة كعبد) فلو حلف وحنث أو نذر نذرا من هدي أو صدقة أو ظاهر من امرأته لا يلزمه المال ويكفر يمينه وغيرها بالصوم زيلعي. (قوله: والحاصل إلخ) مستغنى عنه بقوله ثم هذا الخلاف إلخ لكن أعاده لقوله إلا بإذن القاضي وإنما حصره به لما مر من زوال ولاية أبيه وجده. (قوله: لم يسلم إليه ماله إلخ) هذا بالإجماع كما في الكفاية، وإنما الخلاف في تسليمه له بعد خمس وعشرين سنة كما يأتي فلو بلغ مفسدا وحجر عليه أولا فسلمه إليه فضاع ضمنه الوصي، ولو دفعه إليه وهو صبي مصلح وأذن له في التجارة فضاع في يده لم يضمن كما في المنح عن الخانية. وفي حاشية أبي السعود معزوا للولوالجية: وكما يضمن بالدفع إليه وهو مفسد فكذا قبل ظهور رشده بعد الإدراك ا هـ. وسئل العلامة الشلبي: عمن بلغت وعليها وصي هل يثبت رشدها بمجرد البلوغ أم لا بد من البينة؟ فأجاب: بأنه لا يثبت إلا بحجة شرعية ومثله في الخيرية. وفي شرح البيري عن البدائع لا بأس للولي أن يدفع إليه شيئا من ماله ويأذن له بالتجارة للاختبار فإن آنس منه رشدا دفع إليه الباقي. (قوله: حتى يبلغ خمسا وعشرين سنة) أي ما لم يؤنس رشده قبلها. (قوله: فصح تصرفه قبله) الأولى التعبير بالواو كما في الكنز لكن لما كان قوله: لم يسلم إليه بمعنى المنع لأن العاقل البالغ لا يحجر عليه عند الإمام وإنما هذا منع للتأديب لا حجر صح التفريع فافهم. (قوله: ضمن) أي إذا هلك في يده لتعديه في المنع، وأما إذا بلغ فمنعه قبل أن ينكشف حاله ويعلم رشده، وصلاحيته بالاختبار فهلك لا يضمن قال شهاب الدين الحلبي في فتاواه: والواجب على الوصي أن لا يدفع إليه المال إلا بعد الاختبار فإذا منعه لذلك كان منعا لواجب فلا يكون متعديا وفي الخانية ما يشهد له رملي. (قوله: قاله شيخنا) يعني الرملي في حاشية المنح. (قوله: وإن لم يكن رشيدا) لأنه قد بلغ سنا يتصور أن يصير جدا ولأن منع المال عنه للتأديب فإذا بلغ هذا السن فقد انقطع رجاء التأدب زيلعي ملخصا. (قوله: وقالا لا يدفع) أي وإن صار شيخا وبه قالت الأئمة الثلاثة معراج. (قوله: ولا يجوز تصرفه فيه) أي ما لم يجزه القاضي على ما مر، وهذه ثمرة الخلاف، وتظهر أيضا في الضمان عندهما لو دفع إليه بعدما بلغ هذه المدة مفسدا إلا عنده. (قوله: {فإن آنستم}) أي عرفتم أو أبصرتم ذكره البكري في تفسيره ط. (قوله: هو كونه مصلحا في ماله) هو معنى ما في البيري عن النتف: الرشيد عندنا أن ينفق فيما يحل ويمسك عما يحرم ولا ينفقه في البطالة والمعصية ولا يعمل فيه بالتبذير والإسراف. (قوله: فقط) أي لا في دينه أيضا خلافا للشافعي رحمه الله. (قوله: ولو فاسقا) تأكيد لقوله فقط وأطلقه فشمل الفسق الأصلي والطارئ كما في الهداية وهذا ما لم يكن مفسدا لماله. (قوله: ليبيع ماله) أطلق المال فشمل المرهون والمؤجر والمعار؛ وكل ما هو ملك له رملي، ولا يكون ذلك إكراها لأنه بحق كما مر في محله إذ هو ظالم بالمنع. (قوله: يعني بلا أمره) لأن للدائن أن يأخذ بيده إذا ظفر بجنس حقه بغير رضا المدين فكان للقاضي أن يعينه زيلعي. (قوله: وكذا لو كان) أي كل من ماله ودينه وفي نسخ: كانا بضمير التثنية. (قوله: استحسانا) والقياس أن لا يجوز لأن هذا الطريق غير متعين لقضاء الدين فصار كالعروض. (قوله: لاتحادهما في الثمنية) بيان لوجه الاستحسان، ولهذا يضم أحدهما إلى الآخر في الزكاة مع أنهما مختلفان في الصورة حقيقة وهو ظاهر، وحكما لأنه لا يجري بينهما ربا الفضل. فبالنظر للاتحاد يثبت للقاضي ولاية التصرف وبالنظر للاختلاف يسلب عن الدائن ولاية الأخذ عملا بالشبهين، بخلاف العروض، لأن الأغراض تتعلق بصورها وأعيانها. أقول: ورأيت في الحظر والإباحة من المجتبى رامزا ما نصه: وجد دنانير مديونه وله عليه درهم له أن يأخذه لاتحادهما جنسا في الثمنية ا هـ. ومثله في شرح تلخيص الجامع الكبير للفارسي في باب اليمين في المساومة. [تنبيه] قال الحموي في شرح الكنز نقلا عن العلامة المقدسي عن جده الأشقر عن شرح القدوري للأخصب: إن عدم جواز الأخذ من خلاف الجنس كان في زمانهم لمطاوعتهم في الحقوق، والفتوى اليوم على جواز الأخذ عند القدرة من أي مال كان لا سيما في ديارنا لمداومتهم العقوق قال الشاعر: عفاء على هذا الزمان فإنه *** زمان عقوق لا زمان حقوق وكل رفيق فيه غير مرافق *** وكل صديق فيه غير صدوق ط. (قوله: خلافا لهما وبه يفتى) الأولى أن يقول وقالا: يبيع وبه يفتى كما لا يخفى ح. (قوله: أي بقولهما ببيعهما) أي العرض والعقار، وأشار بهذا التفسير إلى أن ما عداه لا خلاف فيه. (قوله: اختيار) ومثله في الملتقى. (قوله: ويبيع كل ما لا يحتاجه في الحال) قال في التبيين: ثم عندهما يبدأ القاضي ببيع النقود، ثم العروض، ثم العقار. وقال بعضهم: يبدأ ببيع ما يخشى عليه التوى من عروضه، ثم بما لا يخشى عليه، ثم بالعقار. فالحاصل: أنه يبيع ما كان أنظر له ويترك عليه دست من ثيابه يعني بدلة وقيل: دستان لأنه إذا غسل ثيابه لا بد له من ملبس وقالوا: إذا كان يكتفي بدونها تباع، ويقضى الدين ببعض ثمنها، ويشتري بما بقي ثوبا يلبسه وكذا يفعل في المسكن وعن هذا قالوا: يبيع ما لا يحتاج إليه في الحال كاللبد في الصيف والنطع في الشتاء، وينفق عليه وعلى زوجته وأطفاله وأرحامه من ماله ا هـ. ملخصا قال الرحمتي: ومفاده أنه لا يكلف إلى أن يسكن بالأجرة كما قالوا في وجوب الحج تأمل ا هـ. وفي حاشية المدني أقول: وكذا لو كان عنده عقارات وقف سلطاني زائدة على سكناه أو صدقات في الدفاتر السلطانية لا يؤمر ببيعها كما أفتى به غير واحد من العلماء ا هـ. أي لا يؤمر بالفراغ عنها إذ لا يجوز بيعها تأمل. مطلب: تصرفات المحجور بالدين كالمريض (قوله: يلزمه بعد الديون) أي يقضيه بعد قضاء الديون التي حجر لأجلها ونحوها مما ذكره بعد وهذا ما لم يكن استفاد مالا بعد الحجر، وإلا فيقضي ما أقر به منه كما في المواهب والهداية، وقدمناه عن التتارخانية وشرح الملتقى وفي التتارخانية ثم إذا صح الحجر بالدين صار المحجور كمريض عليه ديون الصحة، فكل تصرف أدى إلى إبطال حق الغرماء، فالحجر يؤثر فيه كالهبة والصدقة. وأما البيع فإن بمثل القيمة جاز وإن بغبن فلا ويتخير المشتري بين إزالة الغبن وبين الفسخ كبيع المريض، فإن باع من الغريم وقاصصه بالثمن جاز لو الغريم واحدا وإلا صح البيع من أحدهم لو بمثل القيمة دون المقاصة، وكذا لو قضى دين البعض دون البعض كالمريض ا هـ. ملخصا. (قوله: ببينة) بأن شهدوا على الاستقراض أو الشراء بمثل القيمة تتارخانية. (قوله: أو علم قاض) المعتمد عدم جواز القضاء بعلمه ط. (قوله: كمال استهلكه) فإن مالكه يزاحم الغرماء، وكذا لو تزوج امرأة بمهر مثلها ابن مالك والمراد باستهلاكه المال أنه ثبت بغير إقراره مما مر، فلو به ففي التتارخانية أنه يسأل عن إقراره بعدما صار مصلحا أن ما أقر به كان حقا أو لا؟ فإن قال نعم يؤاخذ به وإلا فلا، ويجب أن يكون الجواب في الصبي المحجور كذلك ا هـ. قوله: أفلس إلخ) أي صار إلى حال ليس له فلوس وبعضهم قال: صار ذا فلوس بعد أن كان ذا دراهم مصباح والمراد حكم الحاكم بتفليسه. واعلم أنه إنما يستوي مع الغرماء إذا كان الثمن حالا فلو مؤجلا لم يشاركهم ولكن يشاركهم بعد الحلول فيما قبضوه بالحصص كذا في المقدسي سائحاني. (قوله: كان له استرداده) أي فيما لو أفلس بعد قبضه بغير إذن، وقوله: وحبسه بالثمن فيما لو أفلس قبله ففيه لف ونشر على عكس الترتيب تأمل. (قوله: كذا في الخانية إلخ) استدراك على المتن تبعا للشرنبلالية، حيث نقل ما في الخانية ثم قال: فقد شرط مع الإطلاق إجازة صنعه ا هـ. أقول: الذي يظهر أن الإجازة شرط لجواز صنعه لا لجواز الإطلاق والمذكور في المتن جواز الإطلاق فلا استدراك بل هو إفادة حكم آخر تأمل. (قوله: لأن حجر الأول مجتهد فيه) علله في الهداية أولا بأن الحجر منه فتوى وليس بقضاء، لأنه لم يوجد المقضي له والمقضي عليه، ثم قال: ولو كان قضاء فنفس القضاء مختلف فيه فلا بد من الإمضاء قال الزيلعي: يعني حتى يلزم، لأن الاختلاف إذا وقع في نفس القضاء لا يلزم، ولا يصير مجمعا عليه، وإنما يصير مجمعا عليه أن لو كان الاختلاف موجودا قبل القضاء فيتأكد أحد القولين بالقضاء، فلا ينقض بعد ذلك، وأما إذا كان الاختلاف في نفس القضاء، فبالقضاء يحصل الاختلاف، فلا بد من قضاء آخر ليصير مجمعا عليه لقضائه بعد وجود الاختلاف هذا معناه، ولكن فيه إشكال هنا لأن الاختلاف فيه موجود قبل القضاء فإن محمدا يرى حجره بنفس السفه، ولا تنفذ تصرفاته أصلا فيصير القضاء به على هذا التقدير قضاء بقول محمد فيتأكد قوله: بالقضاء، بخلاف القضاء على الغائب فإن الاختلاف فيه في نفس القضاء هل يجوز أم لا؟ فعندنا لا ينفذ وعند الشافعي يجوز فيحصل الاختلاف بالقضاء فلا يرتفع حتى يحكم بجواز هذا القضاء ا هـ. (قوله: ما لم يعلم) أي بالحجر قال في البزازية: فلو أخبره عدل وصدقه انحجر، وإن لم يصدقه فكذلك ثم قال: ولا فرق بين الإذن والحجر في أنه يصير مأذونا إذا ترجح الصدق في خبره عند العبد أو صدقه، ذكره الفقيه أبو بكر البلخي، وعليه الفتوى والاعتماد خلافا لمن يفرق بينهما ا هـ. ثم إن هذا مبني على قول أبي يوسف لما مر أن السفيه ينحجر عند محمد بلا قضاء. (قوله: ولا يرتفع الحجر بالرشد إلخ) هذا أيضا قول أبي يوسف، خلافا لمحمد كما قدمناه عن الجوهرة مع بيان ثمرة الخلاف. (قوله: ولو ادعى الرشد) يعني بعدما حجر عليه القاضي ادعى أنه صار رشيدا ليبطل حجره. (قوله: أشباه) استدل فيها على ذلك بما في المحيط عند ذكره دليل أبي يوسف على أن السفيه لا ينحجر إلا بحجر القاضي من أن الظاهر زوال السفه، لأن عقله يمنعه. قال في الأشباه: وكل بينة شهد لها الظاهر لم تقبل ا هـ. أقول: الظاهر أن ظهور زوال السفه فيما إذا كان قبل الحكم يدل عليه سياق كلام المحيط، أما بعد الحكم كما هو موضوع المسألة في الأشباه فقد تأكد وثبت فالأصل بقاؤه، ويدل عليه أن الحجر بعد ثبوته لا يرتفع عند أبي يوسف إلا بالقضاء، فلو كان الأصل زواله لما احتاج إليه. ولذا قال المقدسي في حاشية الأشباه: لم يوجد بعد الحجر من القاضي ما يقتضي خلافه فالظاهر بقاؤه ا هـ. وهكذا نقل الحموي عن الشيخ صالح فينبغي تقديم بينة الزوال وذكر نحوه العلامة البيري ثم قال: ورأيت في ذخيرة الناظر الجزم به، ونقله أبو السعود، وأقره، وبالجملة لم نر أحدا تابع صاحب الأشباه سوى الشارح والله أعلم. (قوله: وفي الوهبانية إلخ) الشطر الثاني من البيت الأول مغير وأصله: فمن يدعي التأخير ليس يؤخر و " يحجر " في محل جر مضاف إلى " قبل " ومعنى البيت الأول: أنه لو قال بعد صلاحه أقررت وأنا محجور بأني استهلكت لك كذا وقال رب المال بل حال صلاحك فالقول للمقر لأنه أضافه إلى حالة معهودة تنافي صحة الإقرار، فيكون في الحقيقة منكرا لا مقرا وكذا لو قال: أقررت لي به حال فسادك لكنه حق وقال المقر لم يكن ذلك حقا فالقول له ومعنى الثاني لو باع المحجور وأجاز القاضي بيعه لكن نهى المشتري عن دفع الثمن إليه فدفعه وهلك يضمن الثمن للقاضي لأنه لما نهاه صار حق القبض للقاضي، والمحجور كالأجنبي فلو لم ينهه جاز لأن في إجازته البيع إجازة لدفع الثمن كالوكيل بالبيع وكيل بالقبض، والله سبحانه وتعالى أعلم. إلخ بتنوين " فصل " و " بلوغ " مبتدأ وما بعده خبر ومعطوف عليه و " الجارية " مجرور عطفا على " الغلام " أو مرفوع على تقدير مضاف محذوف، وإنابته منابه، والبلوغ لغة: الوصول، واصطلاحا انتهاء حد الصغر ولما كان الصغر أحد أسباب الحجر وكان له نهاية ذكر هذا الفصل لبيانها، والغلام كما قال عياض يطلق على الصبي من حين يولد إلى أن يبلغ وعلى الرجل باعتبار ما كان. (قوله: بالاحتلام) قال في المعدن: الاحتلام جعل اسما لما يراه النائم من الجماع، فيحدث معه إنزال المني غالبا فغلب لفظ الاحتلام في هذا دون غيره من أنواع المنام لكثرة الاستعمال ا هـ. ط. (قوله: والإنزال) بأي سبب كان. (قوله: والأصل هو الإنزال) فإن الاحتلام لا يعتبر إلا معه والإحبال لا يتأتى إلا به. (قوله: والجارية) هي أنثى الغلام. (قوله: صريحا) قيد به لأنه مذكور ضمنا في الاحتلام والحبل. (قوله: فإن لم يوجد فيهما) أي في الغلام والجارية شيء مما ذكر إلخ مفاده: أنه لا اعتبار لنبات العانة خلافا للشافعي، ورواية عن أبي يوسف، ولا اللحية، وأما نهود الثدي فذكر الحموي أنه لا يحكم به في ظاهر الرواية، وكذا ثقل الصوت كما في شرح النظم الهاملي أبو السعود وكذا شعر الساق والإبط والشارب. (قوله: به يفتى) هذا عندهما وهو رواية عن الإمام وبه قالت الأئمة الثلاثة، وعند الإمام حتى يتم له ثماني عشرة سنة ولها سبع عشرة سنة. (قوله: لقصر أعمار أهل زماننا) ولأن «ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عرض على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وسنه أربعة عشر فرده، ثم يوم الخندق وسنه خمسة عشر فقبله» ولأنها العادة الغالبة على أهل زماننا، وغيرهما احتياط فلا خلاف في الحقيقة والعادة إحدى الحجج الشرعية فيما لا نص فيه نص عليه الشمني وغيره در منتقى. (قوله: وأدنى مدته) أي مدة البلوغ والضمير في له للغلام وفي لها للجارية. (قوله: كما في أحكام الصغار) هو اسم كتاب للأسروشني. (قوله: فإن راهقا) يقال رهقه أي دنا منه رهقا، ومنه إذا «صلى أحدكم إلى سترة فليرهقها»، وصبي مراهق مدان للحلم مغرب. (قوله: إن لم يكذبهما الظاهر) هو معنى قوله الآتي، وهو أن يكون بحال يحتلم مثله. وفي المنح عن الخانية: صبي أقر أنه بالغ وقاسم وصي الميت قال ابن الفضل إن كان مراهقا ويحتلم يقبل قوله: وتجوز قسمته وإن كان مراهقا ويعلم أن مثله لا يحتلم لا تجوز قسمته ولا يقبل قوله: لأنه يكذب ظاهرا وتبين بهذا أن بعد اثنتي عشرة سنة إذا كان بحال لا يحتلم مثله إذا أقر البلوغ لا يقبل ا هـ. (قوله: فبعد ثنتي عشرة سنة) ادعى صاحب جامع الفصولين أن الصواب إبدال بعد بقبل زعما منه أنه شرط لغير المراهق ورده في نور العين ونسبه إلى الوهم وقلة الفهم. (قوله: وفي الشرنبلالية) وعبارتها يعني وقد فسرا ما به علما بلوغهما وليس عليهما يمين ا هـ. قال أبو السعود: والظاهر أن هذا هو المراد مما نقله الحموي عن شرح درر البحار من أنه يشترط لقبول قولهما أن يبينا كيفية المراهقة حين السؤال عنه ا هـ. قلت: وفي جامع الفصولين عن فتاوى النسفي عن القاضي محمود السمرقندي أن مراهقا أقر في مجلسه ببلوغه فقال بماذا بلغت؟ قال: باحتلام قال: فماذا رأيت بعدما انتبهت؟ قال: الماء قال: أي ماء؟ فإن الماء مختلف قال: المني قال: ما المني؟ قال: ماء الرجل الذي يكون منه الولد قال: على ماذا احتلمت على ابن أو بنت أو أتان قال: على ابن فقال القاضي: لا بد من الاستقصاء فقد يلقن الإقرار بالبلوغ كذبا قال شيخ الإسلام: هذا من باب الاحتياط وإنما يقبل قوله مع التفسير وكذا جارية أقرت بحيض ا هـ. والظاهر أن المراد بقوله وإنما يقبل مع التفسير أي تفسير ما بلغ به من احتلام أو إحبال فقط بلا هذا الاستقصاء. (قوله: لا تصح البينة) صوابه ألبتة من البت وهو القطع كما جاء في جامع الفصولين وقد وجد كذلك في بعض النسخ أو يقول: لا يصح الإقرار.
|